لبنان الى اين ؟

لبنان الى أين؟

ريم المحب ✍

لا يضيّع زُعماء لُبنان جُهداً كي يُثبتوا للعالم بأكمله أنهم غير أهل للحُكُم، في حين يتنافس زُعماء الدول الكبرى على حل الأزمة اللبنانية يعمل الساسة في لُبنان على تضييع فرصة تلو الأُخرى لإنقاذ البلاد والعباد. فالشعب يئنُّ ويصرخ، ولكن لا حياة لمن تُنادي.

تفجير دمّر نصف العاصمة اللبنانية وبعد مُضي عشرة أشهر لم يُعرف الفاعل، ولا تزال التحقيقات مجهولة، وعلى الأرجح ستمتد سنوات عديدة على الرغم من الإعلان عن إجراء التحقيقات ومعرفة النتائج خلال أيام معدودات.

الفوضى تعُّمُ البلاد في ظل حكومة تصريف أعمال تجهل تماماً ما هي هذه الأعمال التي تُصّرّف. وبين ثورة من وقت إلى آخر وإجراءات وقائية بسبب جائحة الكورونا، وارتفاع الأسعار الغير المسبوق الناتج عن ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي، الذي لا يجد من يُسيطر عليه لأنّ السُلطة غائبة، وهُناك أمور أُخرى تُثنيها عن مُتابعة وإدارة شؤون البلاد، والشعب الجريح يلهث ويقف في طوابير الذُل ليتمكّن من الحصول على مادة البنزين والدواء، حتى حليب الأطفال الرُّضع حُرموا منه وأصبح للتجارة، أما الظلام فحدث ولا حرج، بات يعمُّ البلاد التي كانت تُسمى سويسرا الشرق.

أما حُكام البلاد فهم يلتهون بتراشق الاتهامات فيما بينهم عن هوية الفاسد أو الأكثر فساداً… ومن جهة أُخرى يختلفون على تأليف الحكومة بسبب المُحاصصة بحجة حماية الطوائف. عن أي طوائف يتحدثون؟ وأغلب الشعب اللبناني بمُختلف مذاهبه وطوائفه يترنّح تحت خط العوز اللهم إلا فئة قليلة جداً.

رُبما غاب عن ذهن زعماء لبنان أن الهدف الأساسي من ذكر المُناصفة والمُحاصصة في الدستور اللُبناني هو ضمان حق كُل طرف في هذا البلد، وليس الخلاف على الحصص والتفرقة بين أهل البلد الواحد. وللأسف ولسخرية القدر فقد تمّ استغلال هذا الحق للحصول على مآرب شخصية من المُتعاقبين على الحكم في لُبنان، مُتناسيين أن هُناك حقوق أُخرى مذكورة في الدستور اللُبناني تحدثت عن المُساواة بين جميع المواطنين. فبدل أن تكون هذه الخُطوة إيجابية وتضمن حقوق جميع اللبنانيين، وبالتالي نعمة يشعُر بها المواطن اللُبناني في وطنه، أصبحت نقمة ولعنة دمرت الموطن وشعبه. فتحت شعار أن الطائفة بخطر زُرعت الفتنة والكراهية بين أهل البلد الواحد الذين يعيشون سوية، يتحدثون لغة واحدة وينتمون إلى وطن واحد، غير أنّ السياسة تفرقهم، ربما لعدم وعيهم وإدراكهم، وعدم استفادتهم من تجارب الماضي، وأن التفرقة لن تأتي على البلاد والعباد الا بالخراب والدمار.

اليوم يعيش لبنان أسوأ حالاته، يتحدثون عن إفلاس البلاد، وكيف يكون البلد مُفلس وجميع الذي يعملون بالشأن العام يحصلون على رواتبهم التي هي ليست قليلة؟ بالإضافة إلى امتيازاتهم، ناهيك عن رجال الأمن الذي أصبحت جُلّ مهامهم حماية السياسيين وقضاء حاجات ومستلزمات زوجاتهم وأولادهم، تاركين أمن الوطن والمواطن في مهب الريح، كما اخبرنا وزير الداخلية أن أمن البلاد مفتوح على كُل الاحتمالات.

وفي كُل مرة يجتمع الساسة يُقرون زيادات على الشعب الذي اكتفى ولا يملك ما يدفعه أو يعيش به عيشة كريمة، لما لا يقرون الاستغناء عن نصف رواتبهم لتأمين الأدوية والكهرباء وأساسيات الحياة، ومن بينها حليب الأطفال، هذا إنجاز يُحتسب لحكومة وسياسيين يهمهم الشعب وليس الظهور فقط. حان وقت العمل وليس المزايدات فعشرة وزراء كفاية لبلد بحجم لُبنان.

لقد أصبح شعب لُبنان العظيم مصدراً للشفقة من كُل الدول، حتى الأكثر فقراً، يكفي إذلالاً لهذا الشعب الذي عانى ما عاناه، ودفع دمه مقابل العيش بكرامة. فأين هي هذه الكرامة التي ينشدها؟ والتي دحر العدو للحصول عليها؟ للأسف أصبح وطننا يعيش في مواجهة عدوين داخلي وخارجي.

ريم المحب

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com